اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 472
الأرض ليس الا زينة وزخرفة ستفنى وتفوت عن قريب بل هي زائلة حين ثقاتها فانية وقت وجودها وبقائها فاعلم يقينا إِنَّا بشدة حولنا وقوتنا وكمال قدرتنا لَجاعِلُونَ مصيرون مبدلون جميع ما عَلَيْها من الزخارف والذخائر صَعِيداً ترابا مرتفعة أملس جُرُزاً خالية منقطعة عن النبات بحيث لا تنبت أصلا أعجبت واستبعدت عن كمال قوتنا وقدرتنا بجعل ما على الأرض صعيدا جرزا لذلك
أَمْ حَسِبْتَ وشككت أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ اى قصتهم وشانهم والكهف هو الغار الواسع في الجبل وَالرَّقِيمِ هو اسم الجبل الذي فيه الغار او اسم الوادي الذي فيه الكهف او اسم قريتهم او كلبهم او لوح رصاصى او حجري قد رقم فيه أسماؤهم وجعل على باب الكهف او اصحاب الرقيم هم قوم آخرون على اختلاف الأقوال والروايات وبالجملة قد كانُوا مِنْ آياتِنا الدالة على كمال قوتنا وقدرتنا عَجَباً اى آية يتعجب منها الناس ويستبعدون وقوعها مع انه لا شك في وقوعها إذ قد بلغت من التواتر حدا لا يتوهم فيها الكذب قطعا إذ أمثال هذا في جنب قدرتنا الكاملة سهل يسير ولو رفعت ايها المعتبر المتأمل الالف والعادة عن البين وطرحت تكرر المشاهدة والمؤانسة عن العين لكان ظهور كل ذرة من ذرائر العالم في التعجب والاستبعاد وكمال الغرابة والبداعة مثل هذا بل اغرب واعجب من هذا فلك ان تراجع وجدانك وتتأمل أمرك وشانك حتى تجد في نفسك عجائب وغرائب يدهش منها عقلك وينحسر حسك وفهمك وتكل ادراكاتك وآلاتك وبالجملة قد تحيرت وصرت مستغرقا في بحر الحيرة والدهشة من نفسك فكيف من غيرك. أذقنا بلطفك حلاوة مطالعة مبدعاتك ومشاهدة مخترعاتك بنظر العبرة والحضور
اذكر يا أكمل الرسل قصة اصحاب الكهف وقت إِذْ أَوَى اى التجأ ورجع الْفِتْيَةُ الخمسة او السبعة او الثمانية من اشراف الروم ورؤسائهم حين دعاهم ملكهم دقيانوس الى الشرك وهم موحدون في أنفسهم فأبوا منه وهربوا إِلَى الْكَهْفِ ملتجئين إلينا فَقالُوا مناجين مستغيثين من الله رَبَّنا يا من ربانا بأنواع اللطف والكرم ووفقنا بشرف توحيدك وتقديسك آتِنا بفضلك وجودك مِنْ لَدُنْكَ لا بسبب أعمالنا ومقتضياتها رَحْمَةً تنجينا عن يد عدونا وعذابه وعن وبال ما دعانا اليه من الكفر والعصيان وَهَيِّئْ لَنا اسباب معاشنا حين كنا فارين من العدو ملتجئين إليك مستعيذين بكنفك وجوارك ووفق علينا مِنْ أَمْرِنا الذي نعمل لمرضاتك ولوجهك الكريم رَشَداً وهداية توصلنا الى زلال توحيدك آمنين فائزين بلا خوف وخطر فاستجبنا لهم وأجبنا مناجاتهم وأعطينا حاجاتهم وبعد ما دخلوا الكهف ملتجئين بنا متضرعين إلينا
فَضَرَبْنا وختمنا عَلَى آذانِهِمْ حين كانوا راقدين فِي الْكَهْفِ حجابا غليظا يمنعهم سماع الأصوات مطلقا وأنمناهم على هذا الوجه سِنِينَ عَدَداً بلا طعام ولا شراب وبلا شيء من اسباب المعاش وبالجملة هم احياء في صور الأموات منقطعين عن لوازم الحياة الصورية مطلقا سوى ان أنفاسهم تجئ وتذهب
ثُمَّ بَعَثْناهُمْ وأيقظناهم من منامهم بعث الموتى للحشر لِنَعْلَمَ اى نجرب ونميز أَيُّ الْحِزْبَيْنِ المختلفين بعد ما اختلفوا في مدة لبثهم أَحْصى اى اضبط واحفظ لِما لَبِثُوا من المدة أَمَداً يعنى أيهم احفظ ضبطا لمدة رقودهم في الكهف فكلا الفريقين اى اليهود والنصارى لا يعلمان مدة لبثهم حقا مطابقا للواقع
بل نَحْنُ نَقُصُّ من مقام فضلنا وجودنا عَلَيْكَ يا أكمل الرسل نَبَأَهُمْ اى خبر مدة لبثهم ملتبسا بِالْحَقِّ الثابت الصحيح المطابق للواقع إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ اى شبان من ارباب الفتوة والمروة وفقوا من عند الله
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 472